الأربعاء، 29 أكتوبر 2014

قراءات مختارة.." رسالة من زوجة تاجر النهر" بقلم : الاستاذ ناطق خلوصي

قراءات مختارة.." رسالة من زوجة تاجر النهر"
بقلم : الاستاذ ناطق خلوصي
كان الشاعر الكبير سعدي يوسف قد أشار قبل ايام إلى قصيدة لعزرا باوند ترجمها السياب ونشرت في كتاب كان قد صدر له . لقد وجدت هذا الكتاب في مكتبتي وهو بعنوان " قصائد مختارة من الشعر العالمي الحديث " كان قد صدر قبل أكثر من خمسين سنة، وجاء في مئة وأربع صفحات من القطع المتوسط ، مطبوعا ً على ورق الصحف العادي الذي كان يستخدم آنذاك ، وهو لا يحمل اسم دار النشر التي أصدرته ولا اسم المطبعة التي طُبع فيها ولا سنة صدوره . أما ثمنه فقد كان 120 فلسا ً كما هو مثبت على غلافه الأخير .
تحت عنوان " شروح وملاحظات " أضاف السياب ملحقا ً في الصفحات الأخيرة من الكتاب جاء فيه : " ترجمت هذه القصائد ، كلها ، عن الانكليزية. ولا تخفى على القارىء الصعوبة التي يصادفها المترجم وهو ينقل إلى لغته قصيدة مترجمة ، بدورها إلى لغة غير لغتها الأصلية . ومما زاد الأمر صعوبة ان أغلب تلك الترجمات كانت ترجمات شعرية . وقد أجزت لنفسي أن أغير عناوين بعض القصائد . كما اني غيرت في التقسيم الأصلي للآبيات وقطعتها تقطيعا ً جديدا ً حسبما يقتضيه المعنى أو الوقع الموسيقي " .
يضم الكتاب عشرين قصيدة لعشرين من أبرز شعراء وشاعرات العالم منها قصيدة عزرا باوند التي أشير اليها . تحمل القصيدة عنوان " رسالة من زوجة تاجر النهر " يقول السياب عنها " ترجمنا هذه القصيدة شعرا ً وأثبتنا هذه الترجمة الشعرية لأنها قريبة غاية القرب من الأصل . وقد اضطرنا الوزن أو القافية بالحري إلى استعمال " عذبات زان " بدلا ً من " قصب البامبو " .
رسالة من زوجة تاجر النهر
عزرا باوند
ترجمة : بدر شاكر السياب
قد كان شَعري ما يزال
يقص خطا ً يستقيم على الجبين
ــ أيام ذاك ــ وكنت عند الباب ألعب بالزهور
وكنت تأتي راكبا عذبات زان
الوهم صيرها حصان .
قد كنت تنظر حيث أجلس ، أو تدور
حول المكان وكان بين يديك من ريش الطيور
زرق لعبت بها كثار.
كنا نعيش كخير ما عاش الورى في ( شوــ وكان ) :
طفلين لا كرها ً نحس ولا شككنا كالكبار.
حتى اذا بلغت اربعة وعشرة
زوجت من مولاي ، منك فما عرفت الضحك مرة
إذ كان يمنعني الحياء.
إني ، وقد أطرقت رأسي ــ كنت أنظر للجدار:
نوديت ألفا ً أو يزيد.. فما التفت إلى الوراء .
حتى اذا ما مر عام بي ، كففت عن العبوس ،
ووددت لو ضموا ثراي إلى ثراك مدى الزمان !
وعلام أرقى حافة الكوة ( 1 ) الصغيرة في الجدار
لأرى سواك ؟
أنت الذي أشتاق لو ضموا ثراي إلى ثراك ؟!
حتى إذا ما مر عام بي ، عزمت على سفار ،
وقصدت ( كوتون ) البعيدة في سفار ؛
أصعدت في النهر الذي للموج فيه
صخب يدوم بالمياه .. كأن فيه هوى تدور ،
ومضت شهور خمسة منذ ارتحلت ، مضت شهور ؛
وعلى ذرى الأشجار حولي هاهنا ،تثب القرود
وتضج في لغط حزين لا يطاق ! متى تعود ؟
إني رأيتك تسحب القدمين في يوم الوداع .
والآن ، عند الباب ، تنتشر الطحالب زاحفات ،
من كل أنواع الطحالب ، يمتنعن على اقتلاع
والريح كالآهات ، والورقات تسقط مبكرات
هذا الخريف ، و" آب " عصفر من فراشات الحقول
يخفقن ، أزواجا مذهبة ، على عشب الحديقة ،
يقلقن روحي إن خطرن ، لان لي عمرا ً يطول!
إن كنت سوف تعود منحدرا ً إلي مع المياه
مياه نهر " كيانغ "، في عطفاته المتعرجات
الضيقات ــ فلي رجاء :
فلتنبني سلفا بذاك ، وسوف أخرج للقاء
وأسير حتى" شو ــ ف ــ فوسا "!
( 1 ) تقرأ بدون تشديد الواو كما هو شائع
*ملاحظة : لكتاب قصائد مختارة طبعة جديدة -كما قال الاستاذ عبد الخالق الركابي مشكورا - صدرت سنة 2012 عن مجلة (الدوحة) ضمن سلسلة (كتاب الدوحة) التي توزع مجاناً مع المجلة، وقد قدم الشاعر المصري حسن توفيق للطبعة الجديدة، كما أنه أضاف إليها (باقة) من شعر السياب نفسه تتكون من عشر قصائد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كريم منصور........... والصوت الذهبي الحزين

  كريم منصور........... والصوت الذهبي الحزين ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل  لا ابالغ اذا قلت انه من ال...