الخميس، 3 مارس 2011

أحمد النيلة المكتبي الموصلي الأول




أحمد النيلة المكتبي الموصلي الأول
ا.د.إبراهيم خليل العلاف

أستاذ التاريخ الحديث-جامعة الموصل

لااعتقد أن أحدا في الموصل ،وخاصة من المثقفين ،لايعرف من هو الحاج احمد النيلة (1910-1994 ) .انه المكتبي الموصلي ،والعراقي ،والعربي الأول .لقد كنا نرتاد المكتبة المركزية العامة ،والتي كانت تسمى فيما سبق ب "المكتبة العمومية ثم "مكتبة الأمير غازي " وبعدها بمكتبة الملك غازي ، ونشاهد أمينها العام ،ونعجب بهمته، وقدراته العجيبة مع انه كان يتحرك بصعوبة بسبب عوق في رجليه .كنا نراه عبر النافذة في المكتبة حيث كانت غرفته تطل على مدخل المكتبة. وقد تعمقت معرفتي به في مطلع السبعينات من القرن الماضي عندما كنت أعد رسالتي للماجستير عن ولاية الموصل فقابلته عدة مرات وقدم ألي- في حينه - مساعدة مهمة تمثلت بمجموعة من النشريات التي صدرت أبان الحرب العالمية الأولى ومنها على سبيل المثال نشرة "اجانسي عثمانلي" . وقد ذكرت ذلك في رسالتي للماجستير وفي كتابي: "نشأة الصحافة العربية في الموصل " ، وأسديت له الشكر والمحبة والعرفان .

الحاج احمد النيلة - وهكذا كان يحب الموصليون أن يسموه- من مواليد الموصل سنة 1910 ،أكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والإعدادية .كانت "المدرسة القحطانية " مدرسته الابتدائية والتحق ب "ثانوية الموصل" سنة 1926 وقضى فيها أربع سنوات وجاءت دراسته في هذه الثانوية في أعقاب تعرضه لحادثة سقوطه من سطح "دار المعلمين "ببغداد التي دخلها الأمر الذي أدى غالى كسر في عموده الفقري تسبب في شلل رجله اليسرى،فعاد - كما يقول صديقنا الحاج عبد الجبار محمد جرجيس الذي زامله في المكتبة كثيرا وتعلم منه وسار على نهجه عندما عين أمينا للمكتبة المركزية بعده ،في إحدى مقالاته عنه - إلى الموصل .وبعد أن أنهى الدراسة في ثانوية الموصل عين في شباط 1930 أمينا لمكتبة الأمير غازي العامة في الموصل .

حدثني الحاج عبد الجبار محمد جرجيس عن الحاج احمد النيلة فقال انه كان من أشهر المكتبيين في العراق .أحب الكتاب، وأحب العلم، وكان يطمح لان يجعل المكتبة المركزية العامة في الموصل من أفضل مكتبات العالم وقد استطاع أن يزرع في منتسبي المكتبة نزعة حب الكتاب من خلال تشجيعهم على القراءة والبحث والتقصي والمتابعة والتمسك بأصول الفن المكتبي ،ولشهرته استعانت به الحكومة السعودية سنة 1963 للعمل على تنظيم مكتباتها .كما انه انتخب عضوا في مكتبة الجامعة الأميركية ببيروت سنة 1949 وحصل على شهادة العضوية المكتبية العالمية ،ودعي لزيارة المكتبة الوطنية في أنقرة سنة 1956 وكثيرا ما كان يحضر اجتماعات أمناء مكتبات آسيا التي تنظمها اليونسكو ويشارك في دوراتها التي تستمر لأشهر عدة . وقد زار خلال حياته كثيرا من مكتبات العالم منها مكتبات استانبول وبيروت ،والقاهرة ،وروما ،وباريس ،ولندن،وازمير،ونيودلهي، وطوكيو، والقدس، وحلب، ودمشق .ويقينا انه كان يحرص على نقل خبراته ،وما كان يتعلمه إلى المكتبة المركزية العامة في الموصل ،والتي ظل يديرها منذ سنة 1930 حتى تقاعده أواخر سنة 1963 .

لم يترك الحاج احمد النيلة العمل المكتبي ،فقد كانت هذه المهنة تسري في دمه فلقد أصبح أمينا "لمكتبة الدكتور داؤود ألجلبي" الأهلية التي فتحت أبوابها للمطالعين في الموصل سنة 1965 واستمر في إدارتها حتى سنة 1970 حين أممت ونقلت محتوياتها إلى مكتبة الأوقاف العامة بالموصل .

رأيت الكثير من مقالات الحاج احمد النيلة منشورة في الصحف والمجلات الموصلية والعراقية منها صحف" فتى العراق"و"الينبوع" ومجلتي "أهل النفط "و"الثقافة" . كما وجدت مجموعة من كتبه المنشورة والمخطوطة منها تحقيقه لكتاب "طبقات الفقهاء " لطاش كبري زادة بطبعتيه الأولى 1954 والثانية 1961 .كما أن من كتبه المخطوطة كتابه : " أنا وعصاتي حول العالم " وكتاب" ما أهمله التاريخ "وكتاب "الحوادث التاريخية الهامة " وكتاب "الأرقام السرية للمخطوطات والكتب القيمة " وكتاب "تنظيم المكتبات الخاصة " ، وكتاب "فلسفة المكتبة"وكتاب "أنا والزمان" .وكان للرجل محاولات شعرية وقصصية وروائية .ويذكر الحاج عبد الجبار محمد الجرجيس ان للنيلة أعمالا غير منشورة منها على سبيل المثال رواية بعنوان :"نهاية المطاف " ،وديوان شعر بعنوان " سفر "

توفي الحاج أحمد النيلة في يوم 23 شباط سنة 1994 .رحم الله الحاج احمد النيلة . فقد كان إنسانا رائعا ،أحب الناس فأحبوه . وقد ارتبطت بعلاقة صداقة وزمالة مع ولده قتيبة الذي اجهل اليوم مكانه . وعزاءنا في الحاج احمد النيلة انه ترك بصمة في جدران الحركة المكتبية العراقية المعاصرة .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ويومكم مبارك ورمضانكم كريم

  ويومكم مبارك ورمضانكم كريم ونعود لنتواصل مع اليوم الجديد ............الجمعة 29-3-2024 ............جمعتكم مباركة واهلا بالاحبة والصورة من د...